محتويات درس القصة القصيرة جداً: تعريف القصة القصيرة جداً , تعدد تسميات ومصطلحات القصة القصيرة جداً, بدايات القصة القصيرة جداً, أركان القصة القصيرة جداً, المميزات الدلالية للقصة القصيرة جداً, نصائح لكتاب القصة القصيرة جداً.
تعريف القصة القصيرة جدا:
القصة القصيرة جدا جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، فضلا عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب والنفس الجملي القصير الموسوم بالحركية والتوتر وتأزم المواقف والأحداث، بالإضافة إلى سمات الحذف والاختزال والإضمار. كما يتميز هذا الخطاب الفني الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر إلى ماهو بياني ومجازي ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي.
تعدد التسميات والمصطلحات:

وأحسن مصطلح أفضله لإجرائيته التطبيقية والنظرية، و أتمنى أن يتمسك به المبدعون لهذا الفن الجديد وكذلك النقاد والدارسون، هو مصطلح القصة القصيرة جدا لأنه يعبر عن المقصود بدقة مادام يركز على ملمحين لهذا الفن الأدبي الجديد وهما: قصر الحجم والنزعة القصصية.
بدايات القصة القصيرة جداً.
بدأت القصة القصيرة جدا بالرواج في الوطن العربي منذ التسعينيات من القرن الماضي استجابة لمجموعة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المعقدة والمتشابكة التي أقلقت الإنسان وما تزال تقلقه وتزعجه ولا تتركه يحس بنعيم التروي والاستقرار والتأمل، ناهيك عن عامل السرعة الذي يستوجب قراءة النصوص القصيرة جدا والابتعاد عن كل ما يتخذ حجما كبيرا أو مسهبا في الطول كالقصة القصيرة والرواية والمقالة والدراسة والأبحاث الأكاديمية.... كما لم تجعل المرحلة المعاصرة المعروفة بزمن العولمة والاستثمارات والتنافس الإنسان الحالي ولاسيما المثقف منه مستقرا في هدوئه وبطء وتيرة حياته ، بل دفعته إلى السباق المادي والحضاري والفكري والإبداعي قصد إثبات وجوده والحصول على رزقه؛ مما أثر كل هذا على مستوى التلقي والتقبل والإقبال على طلب المعرفة، فانتشرت لذلك ظاهرة العزوف عن القراءة ، وأصبح الكتاب يعاني من الكساد والركود لعدم إقبال الناس عليه، كما بدأت المكتبات الخاصة والعامة تشكو من الفراغ لغياب الراغبين في التعلم وطلبة القراءة والمحبين للعلم والثقافة.
هذا، ولقد تبلور هذا الجنس الأدبي الجديد- على حد علمي- في دول الشام وبالضبط في سورية وفلسطين، ودول المغرب العربي وخاصة في المغرب وتونس على حد سواء.
أركان القصة القصيرة جداً
تتجلى أركان القصة القصيرة جداً الأساسية في: القصصية، والجرأة، والوحدة، والتكثيف، والمفارقة، وفعلية الجملة، والسخرية،والادهاش، واللجوء إلى الأنسنة، واستخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام، والاعتماد على الخاتمة المتوهجة الواخزة المحيرة، وطرافة اللقطة، واختيار العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها.
المميزات الدلالية للقصة القصيرة جداً.
1-خاصية السخرية .
2-خاصية الإدهاش.
3- خاصية الفانتاستيك أو الغرابة.
4 -خاصية التناص.
أولاً :خاصية السخرية.
من يتأمل قصص مصطفى لغتيري وقصص غيره من كتاب القصة الكبسولة كعبد الله المتقي، وفاطمة بوزيان، و......... فإنه سيصادف ظاهرة السخرية الناتجة عن المفارقة الصارخة، والانزياح المنطقي، وكثرة الباروديا ، وهيمنة الخلل العقلي، وتكسير المواضعات السائدة ، وتخييب أفق انتظار القارئ، وانقلاب موازين القيم ، وانكسار القواعد السائدة المقبولة ذهنيا وواقعيا أمام اللاعقلانية الضاحكة وحقيقة الجنون. يقول مصطفى لغتيري في قصته وثيقة (ص:26):
" لأنه يحب الوطن حبا جنونيا، اعتقلته السلطات، واحتفظت به في زنزانة منفردة، خوفا عليه من الضياع. إنها – اللحظة- تفكر جديا في عرضه في المتحف الوطني".
يعتمد الكاتب في هذه القصة الساخرة على تعيير الواقع المتناقض، والثورة على الوعي الزائف، وإدانة سياسة الاستلاب وتزييف القيم الإنسانية، كما تقوم هذه السخرية على الفكاهة والتنكيت والتهكم والتعريض والتلميح والإيحاء والضحك كالبكاء.
ثانياً : خاصية الإدهـــاش:
تعد خاصية الإدهاش من أهم خاصيات القصة القصيرة جداً الناتجة عن الإضمار والغموض والحذف والتخييل وترك البياضات الفارغة واصطناع لغة المفارقة والعلامات الملتبسة المحيرة التي تساهم في خلخلة ميثاق التلقي وإرباك القارئ على مستوى التلقي وتقبل النص كما يتضح ذلك في قصة:
" السكوت من ذهب" (ص:29)لمصطفى لغتيري التي التجأت إلى الإيجاز المقتضب واستعمال الحكمة الساخرة والفكاهة الواعية والنادرة الذهنية التي تستوجب من المتلقي استعمال الخيال والعقل وتشغيلهما من أجل تفكيك دوال المنطوق لبناء المفهوم:السكوت من ذهب لكي يصبح الرجل ثريا،قرر أن يصمت إلى الأبد"
ومن ثم، تهدف القصة القصيرة جدا إلى دغدغة المتقبل وجذبه لمشاركة الكاتب في انبناء نصه. لذا، يدهشه المؤلف بالبياضات الكثيرة، والفراغ الصامت ، والتلغيز المحير، والتنكيت الساخر، وقلب المواضعات المألوفة رأسا على عقب.
ثالثاً: خاصية الفانتاستيك:
تشغل القصة القصيرة جدا عند مصطفى لغتيري خاصية الفانتاستيك من خلال التأرجح بين الغريب والعجيب ،واستعمال خطاب التحولات الخارقة التي تعبر عن تداخل الوعي واللاوعي، وتنافر الواقع واللاواقع، والمألوف واللامألوف لتشبيك عالم الغرابة والفانتازيا والامتساخ البشري والحيواني والإشهاد على انبطاح الإنسان أخلاقيا، وانحطاط، المجتمع البشري الذي علبته القيم الكمية والمعايير الرقمية والمادية. يقول مصطفى لغتيري في قصته:
" تقمص"(ص:28):" أبدا لم تنطل حيلة الرداء الأحمر على الثور...أمام اندهاش الجميع، قصد المصارع، وأصابه إصابة قاتلة... كان الثور يتقمص روح خفاش، قادر على تحديد أهدافه، بالتقاط الذبذبات".
تصور هذه القصة وحشية الإنسان وتحوله من كائن آدمي إلى مجرم يسفك دماء المخلوقات الضعيفة بدون شفقة ولا رحمة ليتلذذ بانتصاره الوهمي الزائف.
نصائح لكتاب القصة القصيرة جداً.
يجب أن يبتعد كاتب ال ق ق ج عن المقدمات الإنشائية المستهلكة. وضمن الاستهلال الحدثيّ تندرج مقدمات ((محمد البرغوثي)) لتلبيته رغبة المرسل في رسم إطار ملائم في حال غياب الوصف، كقصة «فروض» ذات العنوان الموحي: «أمام سوق الخضرة ، صاح المنادي: (حيّ على التفاح)»، ثم يختمها بقوله: «نظرَ إليّ أولادي بلهفة، ارتبكتُ قليلاً، كثيراً، وذهبتُ إلى الجامع للصلاة»، فأظهر الفقير بصورة المؤمن الضعيف إذ لاذ بالصلاة هروباً وليس حلاً.
في القصة القصيرة جداً، غالباً ما تكون الشخوص مفترَضة غائبة، من دون ذكر أسماء أو ماضٍ أو تفاصيل، بل تكتفي بواقعها الآن، وقد تعرّج على لمحة سريعة من الماضي تغذّي الحاضر، ولا تغفل المستقبل الذي قد يكون قفلة مناسبة لها.
بدا هذا الأمر في نصوص(( رمزي الغزوي،)) وأفضلها كانت قصة «من جهة أخرى»:
«يرتشفان القهوة والنساء والضحك، وحين سرقته نظرة عابرة إلى بيته أدهشه جمال زوجته»،ففيها التكثيف والانزياح في العنوان وحسن القفلة.
المصدر : الف باء القصة القصيرة جداً.
هل لديك معلومات أخرى عن القصة القصيرة جداً لا تردد في إضافتها من خلال مربع التعليقات .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق