يسعدنا في موقع القصة إن
نقدم لكم جديد القصص بكافة أنواعها ( قصص واقعية, قصص دينية , قصص الأنبياء , قصص إسلامية , قصص كليلة ودمنة ,قصص ألف ليلة وليلة , قصص الحب, قصص الفراق, قصص سياسية , قصص النساء , قصص رومنسية ,
القصص البوليسية, القصة القصيرة,قصص
خيانة , قصص وعبر ,
والعديد من القصص المتميزة والشيقة والرائعة , واليوم نقدم لكم قصة جديدة
بعنوان ”ذات الرداء الأبيض” وهي من القصص الشيقة والرائعة وتحمل الكثير من
الحكم والعبر.
لقراءة المزيد من القصص المشابهة يمكنكم الإنتقال إلى قسم القصة القصيرة.
ألم
المخاض يمزّق أحْشاءها، نادت على الممرّضة مرات قبل أن تستجيب لتوسّلاتها.. كان الفحص
مؤلما جافـّا، ضمّت رجليْها تكتم صرخة جسدها المُختَرق، تلقّت صفْعة عصفت بها.
-اِفردي
نفْسَك يا (…) لما تكوني (….) لا تصرخين حينها؟
شتيمة
أشدّ وقعا من اللّطم ، أعادت الضّم ونزلت من على طاولة الوضع تسْحب معها ماء المشيمة
وحمرة دماء ،نظرت إلى من ظنّتها ملاكا وقالت في حزم:
-إياك
أن تلْمسيني ..
__جرّت
نفسها إلى المكان المخصّص لها بصعوبة، أقفلت عليها بالمفتاح هذه الغرفة التي لاتغطي
تعاضدية عملها الإداري البسيط غير مصاريف ثلاثة أيام مخاض وولادة واسترجاع أنفاس من
النفاس إن مرت الأمور بشكل طبيعي، لم تنفع التهديدات ولا النداءات على الطبيب في جعلها
تتراجع عن تمتْرُسها، بقي الحشد في ذهول، كفّت الصّارخات عن الصراخ وتوقفت من يجُبن
الرّواق جئية وذهابا لتسريع الانقباضات.. ويبدو أن الصّفعة قد تردّدت في أحشائها ووصلت
إلى جنينها فانكمش على نفسه، تدثر بالمشيمة وفضل أن يبقى متقوقعا في دفء برزخ الرّحم
في انتظار ولادة جديدة، مدد يديه الصغيرتين وتعلق بقناتي “فالوب “واستكان وسكن كل شيء،
لم تعد تحس بأي ألم، أعادت فوهة الرحم انغلاقه وتوقف السيلان، استلقت أيضا في وضعية
الجنين تجتر الإهانة المريرة، أخذتها شبه غفوة، تأتيها الأصوات مغربلة من وراء الباب،
خطوات تمتص وقعها الأحذية الطبية، صرير مفاتيح تحاول أن تزحزح المفتاح من خرم الباب،
همهمات وضرب على أكف بأكف وحوقلات.. تقوم مترنحة، تتمشي في الحيز الضيق للغرفة.. المشي
يمتص غضبها وتوترها ويريحها في انتظار ما سيسفر عليه الوضع..
![]() |
قصة ذات الرداء الأبيض بقلم الإديبة / مهدية أماني |
__تهب
نسمة من النافذة المطلة على شيء يشبه حديقة مشفى، أشجار تناطح السماء لو لم يغرسها
المستعمر لما تواجدت هناك، كأننا نحن الشعب الفلاحي بامتياز لا نعرف غراس سوى ما يحصد
ولا إخضار إلا ما يوضع في “براريد “الشاي وفي القدور.. تطل على أجمات توحي بأنها تتواجد
بغابة فلا تشذيب ولا تنظيم، تجوبها قطط في حجم صغار النمور، اكتسبت مَلاءة أجسامها
من التهام المشيمات، وبقايا الطعام الملقاة بدون اكثرات في مزبلة تحاذي الحائط الفاصل
بين المستشفى ومقر محافظ المدينة، المكتسح تقريبا لكل الحي الإداري القديم في هذه المدينة
العريقة، التي أضحت غريقة الأزبال واللامبالاة وتحجر العقليات، تبتسم من سخرية القدر،
ذلك الحائط يفصل ما بين جنة غناء يصلها عبق زهورها وروائِها المنعش، و بين جحيمٍ دورات
مياهِه أنظف من قلوب من يمتلكون حياة أو موت من يلجُونه بين أيديهم، تخطر بذهنها فكرة
تخطي ذلك المربع الخشبي والخروج من الباب الخلفي فلا يبدو أن عليه حراسة فهو يؤدي إلى
المطبخ.. لن تجازف، هناك ترتيبات إدارية لا بد منها، إخلاء مسؤولية من “لا مسؤولية
لهم” فخروجها من المشفى يلزمها وحدها وإجراءات متابعة الممرضة، حقها ولن تتنازل عنه.
__تُوقف
سيل أفكارها طرقات خفيفة على الباب وصوت زوجها الحنون، تأخذ نفسا عميقا وتفتح.. الطبيب
الغاضب والممرضة ذاتها ممتقعة مرتجفة يقفان وراءه مباشرة، لم تنظر إليهما، تقطع تساؤلاته
بأصبع وضعته على شفتيه
-أحمد.. خذني إلى البيت، واستدع الدادة حليمة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق