السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الملك الشاب.. هذه قصة شيقة ورائعة ذو مغزى ومعنى ،،منذ زمن طويل كانت هناك مدينة يحكمها مَلِكْ، وكان لسكان المدينة هذه عادة لا تتغير بمرور الأزمان ، فكان أهل هذه المدينة هم الذين يختارون الملك بحيث يحكم فيهم لمدة سنة واحدة فقط، وبعد ذلك يُرْسَلُ الملك إلى جزيرة بعيدة حيث يكمل فيها بقية حياته، ويختار الناس مَلِكْا آخرا غيره وهكذا !ومن طقوسهم مع الملك الذي تنتهي فترة حكمه ، أنهم يلبسونه أفخر الثياب ،
.ويودعونه بحفل مهيب ثم يضعونه في سفينة حيث تنقله إلى تلك الجزيرة البعيدة ،والحقيقة أن تلك اللحظة التي يودعون ملكهم فيها ، تكون من أكثر لحظات الحزن والألم والأسى بالنسبة لكل مَلِكْ من الملوك على الإطلاق.ووقع الاختيار في إحدى المرات على شاب من شباب المدينة ولكنه كان ذو عقل ويتمتع بنباهة عالية، فكان أول شيء فعله هذا الملك الشاب أن أمر وزراءه بأن يحملونه إلى هذه الجزيرة التي يرسلون إليها جميع الملوك السابقين ، لمعاينة ما يكون هناك بهذه الجزيرة البعيدة رأى الملك الشاب الجزيرة وقد غطتها الغابات الكثيفة، وسمع أصوات الحيوانات المفترسة، من اسود ونمور وضباع وثعالب وثعابين إلى أخر ذلك من حيوانات وهي طليقة يعتدي بعضها غلي بعض ويلتهم بعضها الآخر، ثم وجد بقايا جثث الملوك السابقين وقد أتت عليها الحيوانات المتوحشة وقد بقي منها فقط العظام البالية،أطرق الملك وعلم مصيره المحتوم الذي ينتظره بعد عام فقط حين تنتهي فترة ولايته ، ودار في خلده سوف يلاقيه ويعانيه الويل والمصير المشئوم ، وشعر انه قد حكم عليه بالإعدام ولكنه بانتظار التنفيذ الغير قابل للطعن ولا الاستئناف.لقد أخذ الملك الشاب ما رآه وما ينتظره من مصير جل تفكيره ، وأخذ يدرس ويفكر كيف النجاة من هذه النهاية المؤلمة والتي كانت نهاية لجميع الملوك من قبله ولم ينجو منها أحد.عاد الملك الشاب إلى مملكته، واختلى بنفسه وعزم على عدم الاستسلام وضرورة النجاة له وربما ومن يأتي من بعده.وبعد تفكير مضني وفق الملك إلي فكرة ألمعية بسيطة ولكنها عظيمه .. عظيمة جدا كانت له بمثابة طوق النجاة الحقيقي.ماذا فعل الملك الشاب استخدم إمكانياته وسلطته وأرسل على الفور عدد كبير من العمال، والفنيين المدججين بالسلاح والعتاد والأدوات والطعام وأمرهم بإزالة الأشجار الكثيفة، وقتل الحيوانات المفترسة، وكان يزور الجزيرة كل شهر ويتابع العمل بنفسه، فبعد شهر واحد تم اصطياد جميع الحيوانات المفترسة والمؤذية وأزيلت أغلب الأشجار الكثيفة.وعند مرور الشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تماما، ثم أمر الملك العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء الجزيرة، وقام بتربية بعض حيوانات الزينة والمفيدة مثل الطاووس والطيور الملونة وغيرها والدجاج والبط والماعز والبقر … الخ .

ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير ومرسى للسفن وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل ذو ميناء جذاب.ومع ذلك كان المَلِكْ يلبس الملابس البسيطة ، وينفق القليل على حياته في المدينة التي يحكمها، وكان يُكَرِس كل أمواله التي وُهِبَت له في أعمار هذه الجزيرة البعيدة والتي هي مآله مستقبلا.والآن جاءت اللحظة التي شغلته منذ أول يوم تولى فيها الحكم .. فقد اكتملت السنة وجاء دور الملك الشاب ليتنقل إلى الجزيرة البعيدة حسب الطقوس المعتادة ، فألبسه الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على السفينة قائلين له وداعاً أيها المَلِكْ !ولكن المَلِكْ على غير عادة الملوك السابقين كان يضحك ويبتسم ولم تنتابه لحظات الأسى والألم التي كانت تنتاب جميع الملوك في هذا المقام وكأنه كان متلهفا ومشتاقا لتلك اللحظة الحاسمة،انتبه كثير من الناس لسرور الملك وعدم توجسه أو إبداء حزنه، فسأله الناس عن سر سعادته عكس جميع الملوك السابقين له ،فقال: بينما كان جميع الملوك الذين من قبلي منشغلين بمتعة أنفسهم أثناء فترة حكمهم كنت أنا مشغولاً بالتفكير في المستقبل والمصير الذي ينتظرني، وخططت لذلك بجد وحزم وعزم ، فلم أضيع وقتا ولا مالا ولا جهدا في ملذاتٍ وشهواتٍ فانية ولكني أصلحت الجزيرة التي كانت بالنسبة للملوك مقبرتهم ومثواهم الأخير، فعمّرتها حتى أصبحت جنة صغيرة ، يمكنني أن أعيش فيها ما لي من حياتي في سلام وسعادة وهناء..انتهت القصة والدرس المأخوذ من هذه القصة الرمزية أن الله سخر للإنسان كل شيء وجعله أكرم المخلوقات ليعمر دنياه وأخرته وأن هذه الحياة الدنيا هي مزرعة للآخرة ويجب علينا ألا نغمس أنفسنا في شهوات الدنيا عازفين عن الآخرة.اسأل الله القادر أن يمن علينا بعافية ما بعدها ضرر وأن يرزقنا نعيماً ما بعده كدر وأن يجمعنا ووالدينا ومن نحب بجوار خير البشر في مقعد صدق عند مليك مقتدر،( أستغفرُ الله الذي لا إله إلا هُوَ الحيُّ القيوم وأتوب إليه عدَدَ خلقه ورضىٰ نفسه وزنة عرشه ومِداد كلماتهْ )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القصص الأكثر مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة © دائرة القصة

close

أكتب كلمة البحث...