قصة مجمتع كافر بقلم الكاتب المغربي عبدالكريم ساورة ( قصة مغربية واقعية).

قصة مجمتع كافر بقلم الكاتب المغربي عبدالكريم ساورة ( قصة مغربية واقعية).

يسعدنا في موقع القصة  إن نقدم لكم جديد القصص بكافة أنواعها ( قصص واقعيةقصص دينية قصص الأنبياء , قصص إسلامية , قصص كليلة ودمنة ,قصص ألف ليلة وليلة , قصص الحبقصص الفراققصص سياسية , قصص النساء , قصص رومنسية , القصص البوليسية, القصة القصيرة,قصص خيانة , قصص وعبر , والعديد من القصص المتميزة والشيقة والرائعة , واليوم نقدم لكم  قصة جديدة  بعنوان ”قصة مجتمع كافر” وهي من القصص الشيقة والرائعة وتحمل الكثير من الحكم والعبر.
لقراءة المزيد من القصص المشابهة يمكنكم الإنتقال إلى قسم قصص واقعية
حكاية مجتمع كافر
عبد الكريم ساورة
أمر مؤسف جدا أن يحدث ذلك، هكذا أخبرني أحد الأصدقاء، فأجبته وماذا حدث ؟ ماذا سأحكي لك ياصديقي، كل يوم نرجع به آلاف الخطوات إلى الوراء، لا أعرف ماذا حدث لنا نحن المغاربة، لماذا بدأنا نفقد كل ود بذواتنا، بأخلاقنا التي تربينا عليها، لقد تحولنا بقدرة ما لا أعرفها ولا أفهمها ولا أستطيع استسغاءها إلى مجتمع كافر، كافر بتأدية الواجب .

بعد ذلك عرفت الحكاية، أمر بسيط جداً، فقط صديقي حساس جداً، ومفرط في العاطفة اتجاه الأحداث ذات الطابع الإنساني، كل مافي الأمر، أن سيدة كانت على متن حافلة في رحلة من مدينة الدار البيضاء إلى مدينة قلعة السراغنة وطلبت من السائق عند الوصول إلى مدينتها إدخالها إلى المحطة لأن الوقت كان بعد منتصف الليل، والنزول على قارعة الطريق فيه تهديد لحياتها وحياة ابنتها التي لا تتعدى ثلاث سنوات، لكن السائق رفض رفضا مطلقا وبرر رفضه بأن الطريق لازالت أمامه طويلة للوصول إلى مدينة أخرى كانت هي نهاية الرحلة.
توسلت المرأة للسائق وقالت له : إن القانون يلزمك بالدخول إلى المحطة لمدة عشر دقائق وبعد ذلك لك الحق في متابعة الرحلة، لكن السائق رد عليها : من أنت لتعطيني التعليمات، أنا سيد نفسي. أنا من يسوق الحافلة وأنا من يختار المكان الذي يناسبني لأقف فيها دون أي ضغط أو توجيه أو أزعاج من أحد.
وصلت الحافلة إلى المدينة، اقترب السائق من المحطة وطلب من السيدة أن تنزل، رفضت الأمر بشدة، وقالت له : ولو على جثثي، فرد عليها السائق : إذن فلتتحملي تبعات إصرارك وعنادك الذي سيؤدي بك إلى ما لا يحمد عقباه، وفي اللحظة التي حاول الانطلاق، ارتمت السيدة وأمسكت مقود الحافلة بشدة، وهي تبكي وتصرخ، كانت تصرخ بشدة وتقول : هذا ظلم هذا ظلم ، ألأنني امرأة وليس هناك ظهر يسندني، تريد أن ترمي بي في الخلاء وتتركني، وبعد شد وجدب وتمسك المرأة بحقها، وجد السائق نفسه في مأزق واضطر وهو يسب ويلعن اليوم الذي أصبح سائقا للحافلات ، أن يغير من وجهة الحافلة ويدخل إلى المحطة وهو يوشك على الإنفجار، لكن المفاجأة الكبرى ، أنه بمجرد ما وصل، صرخ في وجه تلك السيدة قائلا : انزلي أيتها المتعوسة، وفي اللحظة التي بدأت تعد لوازمها استغل جيش من المسافرين معها الفرصة وبدأوا يتهافتون على النزول، استغرب السائق وقال وعلامات الغيض بادية عليه :" كنا في فيل فزادونا فيلة " وصرخ فيهم ولماذا أيها الجبناء لم تعلنوا على رغبتكم كما فعلت السيدة، يبدوا أن المرأة أَرْجَلَ - من الرجال - منكم".
هذا ما في الحكاية، فصديقي ثأثر كثيرا من الحدث وتعاطف مع المرأة، لكنه لم يحرك ساكنا،- هو- وبقية المسافرين وظلوا يتفرجون طول الوقت في امرأة وابنتها في مواجهة هؤلاء الوحوش من " السائق والكرسون " وفي الأخير انتهزوا جميعا نضالها وجهدها وبكائها وصراخها ونزلوا معها في المكان المفضل اليهم.
ألم أقل لكم أن صديقي شديد الحساسية، لم أراه يوما منفعلا بهذه الطريقة، لدرجة أنه وصف هؤلاء المسافرين "بالكفار"، كان ينتظر من المسافرين أن يقوموا جميعا أو على الأقل نفر منهم لنجدة المرأة من قهر السائق و "جبروته " والوقوف معها ودعمها لأنها لم تطلب سوى حق مشروع ، ما هذه الأنانية المفرطة ؟ يقول صديقي، ما هذا الجبن ؟ ما هذا الخواء الذي أصبح ينخرنا ؟ يأكل من أرواحنا ؟ هل فعلا لازالت لنا أرواح ؟ أيعقل أن تصرخ امرأة وتعيد الصراخ طول الطريق ونحن نغلق آذاننا ؟ أين كبرياء الرجل، بل حتى أين هو الرجل ؟ أين الواجب ؟ أين واجبنا نحن الأغلبية الصامتة عن الظلم البين ؟ لماذا لم نفعل شيئا يحافظ على الأقل على ماء وجوهنا ؟ فعلا إنها مأساة حقيقية ، فعلا لقد تحولنا إلى أكثر من قطيع ،أصبحت أشك في كل شيء، أصبحت أشك في نفسي..
أصدقكم القول لقد تعاطفت كثيرا مع صديقي دون أن أحضر الواقعة، ودعته وأنا أتساءل مع نفسي، ترى ماذا كنت سأفعل لو كنت مسافرا معهم في هذه الحافلة، بصراحة سأفعل نفس الشيء، سأتألم من الداخل، وسألعن سائق الشاحنة بداخلي، وسألعنه بكل اللغات، وسألعن الوقت التي لم تتح لي الفرصة لأكون مالكا لسيارة أسافر فيها لوحدي بعيدا عن قذارة المجتمع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القصص الأكثر مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة © 2025 دائرة القصة

close

أكتب كلمة البحث...