يسعدنا في موقع القصة  إن نقدم لكم جديد القصص بكافة أنواعها ( قصص واقعية, قصص دينية قصص الأنبياء , قصص إسلامية , قصص كليلة ودمنة ,قصص ألف ليلة وليلة , قصص الحبقصص الفراققصص سياسية , قصص النساء , قصص رومنسية , القصص البوليسية, القصة القصيرة,قصص خيانة , قصص وعبر , والعديد من القصص المتميزة والشيقة والرائعة , واليوم نقدم لكم  قصة جديدة للكاتبة ( عُلا شرف )  بعنوان ”قصة شادي من أروع قصص الحب الحزينة” وهي من القصص الشيقة والرائعة وتحمل الكثير من الحكم والعبر.
لقراءة المزيد من القصص المشابهة يمكنكم الإنتقال إلى قسم قصص الكاتبة نور العلا.
في طفولتي لم أكُن أُحبُّ فيروز ولا سماع أغنياتها التي كُنتُ أراها غبية لا معنى لها !
كانت شقيقاتي الكبار شِبه مدمنات على سماع أغانيها في المذياع ، في جهاز التسجيل ، في التلفاز .. من رحمة الله بي أنه لم يكن لديهن وقتها هواتف محمولة وإلا كانت ستغدو حتى نغمات الهواتف ( يا سهر الليالي و بكتب اسمك و نسّم علينا الهوا ) !
كُنتُ أتعجّب كثيرا مِن شغفهن بِأغانيها ، لسن هُن فقط بل حتى شقيقي الذي كان هو الآخر مهووساً بتلك الفيروزية ذات الشعر الأشقر المُنسدل على كتفيها بحُريّة ونعومة وتمرد !
أخبرت أختي يوما بأنني لا أطيقها ولا يروقني صوتها لكنني أحب شَعرها كثيرا ، فتبسّمت بِمكر قائلة وهي تنظر لشعري الأسود القصير ذي التدرجات بِفعل الضفائر الدائمة فيه : اهااا الآن عرفنا سبب كرهك لها .. أنتِ تغارين مِن شعرها .

تعجّبتُ ! هل أنا فعلا أكرهها لهذا السبب ؟! .. ربما !
في سنوات مراهقتي أحببتُ ذاك الفتى ابن الجيران المغرور بلا سبب .. فلم يكن فيه شيء يدعوه ليغترّ بنفسه ولا ليظن أنه وااااو ولا مثيل له !
لا أنكر أنني أحببته وقتها ليس لجمال وجه ولا عذوبة صوت ولا حتى نعومة شَعر ؛ فقد كان محروما من كل ذلك ، ولم يكن أيضا يمتلك أي موهبة قد تجعله مختلفا  .. فقط كان والده مسؤولا كبيرا في مدينتنا وتلك ميزته الوحيدة .
لكنني لم أُحبه لذلك وإنما لأنه هو الآخر كان يكره فيروز ويضيق بصوتها حينما تستمع إلى أغنياتها والدته المغرمة بها .. كان ذلك الشيء الوحيد المشترك بيننا ، وما دون ذلك فلا شيء !
أتذكر أنني كنت أشاكسه قائلة بأنه من المفترض أن يحب فيروز فهي قد غنت له ، لكنه كان يغتاظ كثيرا ويطلب مني عدم تذكيره بغلطة أمه التي أسمته على اسم إحدى أغنيات فيروز رغم سماجة الاسم من وجهة نظره .
أخبرني (شادي)  ذات يوم بأنه بعد تخرجه من المدرسة والجامعة سيتقدم لخطبتي ؛ ويا للغرابة فأنا لم أفرح بكلامه ولم تحلق فوق رأسي طيور السعادة ولم تشعّ حولي نجوم الحب !!
تركته يومها ومضيت سريعا إلى بيتنا بعد أن تركته على سطح البيت مكان لقاءاتنا السري .
دلفت للبيت لتستقبلني أغنية فيروز ( يا أنا يا أنا ) لم أهتم وقتها فلقد سمعتها كثيرا من قبل حتى حفظتها على غير رغبة مني أو وعي ، لكنني حين دخلت لغرفتي واستلقيت على فراشي لا أعلم لِمَ قفزت إلى ذهني الأغنية مجددا ؟! هل هي علامة بأن الجيران قد علموا بما بيننا أم أنهم لاحظوا اجتماعاتنا المتكررة فوق سطح العمارة ؟
لم تكن بيننا مكاتيب مطلقا ؛ فخطه كان سيئا بالكاد يُقرأ إضافة للأخطاء الإملائية الكارثية التي كانت تصيبني بالصداع النصفي ، والتي جعلتنا نستغني  عن الرسائل مُكتفين بأصوات معينة  نطلقها من نافذتينا كلما أردنا اللقاء .
جعلتني تلك الأغنية أفكر مليا في كلامه .. هو سيخطبني لكن متى بعد أن يعلم بقية سكان الشارع ويعلم أهلي ويسلخوني ويعلقوا رأسي على باب البيت بدلا عن الجرس ؟!
لا لا ، ينبغي أن يتم الأمر سريعا وإلا سننفضح .. ذهبت إلى نافذتي لأناديه لكنه لم يجبني ، ربما ليس في غرفته التي تعلو غرفتي مباشرة .. ربما هو في المطبخ أو الحمام أو أي مكان لايهم أين فهو سيعود حالا . انتظرت بضع دقائق خِلتها ساعة ، لم أستطع الانتظار أكثر فكل دقيقة تمر تقربنا من الفضيحة !
خرجت من غرفتي قاصدة بيتهم متعذرة برغبتي في زيارة أخته البلهاء التي تصغرني بأربعة أعوام والتي لم يوجد بيننا أي تواصل أو ودّ ، لكن لم يكن لي ذريعة أخرى سواها .
قرعت بابهم وأنا أدعو الله أن يكون هو من يفتح لي الباب ، لكن كانت أمه .. انتزعت ابتسامة متوترة وسألتها عن شذى ابنتها الصغيرة ؛ ورغم استغرابها من سؤالي إلا أنها ذهبت لمناداتها بعد أن أدخلتني إلى الصالون .
جلست على الكرسي متوترة قلقة وأنا أتمنى أن يأتي في تلك اللحظة ونخرج سويا ليجنبني عناء لقاء أخته .. أقبلت شذى ضاحكة فرحة بمجيئي أنا التي لم  أُعِرها أي اهتمام أبدا رغم استماتتها في التقرب والتودد لي .
جلست إلى جانبي وبدأت تثرثر ولم يكن يصلني شيء من ثرثرتها سوى صوتها الرفيع الشبيه بصوت صفارة شرطي المرور !
مضت نصف ساعة وأنا أستمع لثرثرات شذى التي لا تنتهي والتي لم تجذبني إليها البتّة ربما لعدم إدراكي فعليا لِما تقوله !
على نار تمرّ نصف ساعة أخرى وأنا أكاد أُجن من البلهاء التي إلى جواري والتي لم تتوقف عن الكلام رغم الشرود الظاهر جليّا عليّ ؛ حتى أنني لم أتذوق شيئا مما أعدته أمها ؛ فالقلق الذي كان يحتلّ كل حواسّي طغى حتى على حاسة البصر لديّ فلم أميز بين الأطباق الموضوعة أمامي ولم أنتبه لحديث أم شذى وهي تسألني عن أمي وشقيقاتي أو هكذا ظننتُ !
يرن جرس الهاتف فتسرع شذى لتجيب لأشعر حينها وكأنني معتقل قد أُفرج عنه .. لم أهتم بادئ الأمر بأمر المكالمة  لكنني حينما سمعت اسم شادي يتردد على شفتيها وقفت من مجلسي وكأن عقربا قد لدغني !
سمعتها تنادي والدتها و هي تبكي ثم فجأة وضعت السماعة وركضت نحوي لترمي بجسدها الثقيل عليّ فترميني على المقعد مرة أخرى .
جاءت والدتها تهرول وقد شحب وجهها من القلق بعد سماع صوت ابنتها الباكي أمسكت بالسماعة ، لحظات وبدأت هي الأخرى تردد اسم شادي وتصيح لا مستحيل لا يمكن أكيد أنت مخطئ لايمكن أن يكون ابني لا يمكن أن يموت لا يزال صغيرا  !
يموت !! من الذي مات ؟! شادي ! لم أستوعب الخبر ليس فقط لأنه رد فعل طبيعي لخبر كهذا ولكن لغرابة الصدف ؛ أن يكون اليوم الذي يخبرني فيه بأنه سيتقدم لخطبتي واليوم الذي أُقرر فيه جعل علاقتنا جِديّة هو ذاته اليوم الذي يلقى فيه حتفه ويموت !!
خرجت من البيت وأنا أسمع والدته تولول وتهذي باسم ابنها ، والجيران الذين سارعوا إلى المنزل إثر صراخها يحاولون تهدئتها ويتساءلون عن سبب الوفاة .. تُطالعني نظراتهم مُطالبة إياي  بإجابة لسؤالهم  الذي لم أهتم أن أعرف إجابته حينها وعرفتها فيما بعد ؛ فقد أخبرتني أختي بأنه مات بحادث سير  إثر  ارتطامه بسيارة مسرعة رمته بعيدا عن الطريق فسقط على صخرة ناتئة وفارق الحياة .
لا أعلم بعد كم من الوقت وصلت لبيتنا الذي يقع أسفل بيت شادي وعند الباب وجدت أختي  تهمّ بالخروج بعد سماعها لصراخ أم شادي وحالما رأتني انهالت عليّ بأسئلتها ماذا حدث لأم شادي ؟ لماذا تصرخ ؟  ماالذي حصل عندهم ؟ ألم تكوني في بيتهم ؟ مابكِ لا تتكلمين ؟؟
كانت الصدمة قد شلّت تفكيري كله وأخذت إدراكي وأعجزتني عن النطق تماما .. وفجأة لم أعُد أعي ماذا تقول ؛ إذ كان هناك صوتٌ آتٍ من بعيد وكأنه فيروز وهي تغني ( ضاع شادي ) !
اليوم وبعد مُضيّ أعوامٍ على حادثة شادي أصبحت فيروز رفيقتي الدائمة ، مُنافسة في حبها شقيقاتي اللاتي لم يُخفين دهشتهن وتعجّبهن من تحولّي المفاجئ للحدّ الذي تغدو جميع  أغنياتها مخزنة في هاتفي وجهازي المحمول !
لكنّ أكثر ما يثير استغرابهن هو أن نغمة الاتصال لهاتفي المحمول دونا عن بقية أغنيات فيروز  هي (ضاع شادي ) !
شادي العزيز وأنا أكتب حكايتنا اليوم أشعر بالغرابة فعلا لتبّدل موقفي ! ولو سألتني لماذا خُنتِ عهدنا وأحببتها فسامحني لأنّني لن أستطيع الإجابة ولن أجدها !
لكن ربّما لأن تلك الأغنية التي تحمل اسمك رغم كرهك لها هي السبب الذي جعلني أحب فيروز ؛ تلك الفيروزية الشقراء الوحيدة التي جمعتنا والوحيدة كذلك التي ستذكّرني بك دائماً ...

النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القصص الأكثر مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة © دائرة القصة

close

أكتب كلمة البحث...